حكاية زوجية

انتهت

قصة قصيرة:

محمد عباس

لأمر غاب عنى طويلا ، قدرة فائقة لزوجتي على قذف الكلمات من فمها بسرعة ، انجاز لم يسبقها اليه أحد فى العالمين ، سررت بهذا ، قدمت لها فى عيد ميلادها الأخير مسجل فائق الحساسية لملاحقة كلماتها من ناحية ، ولشغلها عنى من ناحية أخرى ، ثم وهذا الأهم تستهلك قدرتها على الكلام في غيابي ، فتقول ماتشاء ، واثقة أن هناك من يتابعها ولو كان مسجل ، فاذا عدت لم أجد الا الصمت ..قدمته لها وطلبت منها ممارسة هوايتها براحة وبعمق ، غير أنني فوجئت بأمر لم يدر بخاطرٍي قط ، اذ قالت لي ببديهية تحسد عليها:-

-أقبل هديتك بشرط

أسرعت برسم ابتسامة على شفتي و أعلنت راضيا قبولي لشرطها قبل ان تنطق به . قالت:-

- حينما تعود الي المنزل تسمع كل ما سجلته

ارتميت على مقعدي هاويا الي لجة صمت هادرة ، ولم انطق بحرف . تساءلت بدلال :-

- مفاجأة ؟؟

قلت :- رائعة

وأنا العن تلك الفكرة التي اوحت لي باحضار تلك الهدية . أخذت أبحث عن ريقي وانا أحاذر من عينيها . لاحت لي خاطرة فاسرعت بالقول :-

- حينما أعود الى البيت أريد سماعك أنت لا المسجل

أشرق وجهها بابتسامة . قالت :-

- لم يغب هذا عنى .. طالما أنا متيقظة سأحادثك وحين أنام أو أخرج سأترك لك المسجل حتى لا تشعر بالوحدة

صمتت قليلا وهى تتفرس فى ملامحى ، تبحث عن ذرة تحمل شبهة اعتراض ، لم تجد . أكملت كلماتها :-

- طبعا حينما أعود أو أصحو سأناقشك فيما سمعته أغمضت عينّى حتى لاترى ما بهما ، وهرولت من أمامها إلى غرفة مكتبى عازما على كتابة استقالتى من وظيفة مستمع تلك ، المفروضة على فى البيت من زوجتى ، وفى العمل من رئيسى الذى كلما فتحت فمى أشار الى بالصمت وانطلق فى الكلام ، وان كان بسرعة أقل كثيرا عن زوجتى . تدبرت الأمر بين الفعل ورد الفعل ، وجدت أننى لن أتحمل ردها فى حالة إعلانى الاستقالة من تبعية الرضوخ لصوتها . مؤكد الأمر سيتطور ، وساعتها لن أجنى إلا الندم وتأنيب نفسى لتهورها . راودتني نفسي على السفر والبعد كلية عنها . هززت رأسي ساخرا من تلك الفكرة لأنني مهما غبت سأعود ، ولحظتها ستضع الشرائط أمامى حصاد الغياب ، وحينها لن أنبس بحرف ..جلست واضعا يدى على خدى وانا اسأل نفسى وما العمل ؟.. جاءتنى فكرة كالبرق ..اعتدلت لها ..قلبتها على وجوهها ..رائعة ..رجعت الى الردهة باسما ، بادرتنى زوجتى فورا :- هاك ماسجلته فى لحظات غيابك

اتسعت ابتسامتى وانأ احمل الجهاز منها

..ملأ وجهها العجب سألتني في ريبة :-

- مابك ؟

قلت :- فكرة أريد عرضها عليك

ازدادت مساحة الدهشة على أطراف وجهها سألتني :- ماهي ؟

- أطلب المساواة معك

- نعم ؟

قلت :- أريد حقي

تغيرّ وجهها فورا بفعل الغضب ..بدأ صوتها يتخذ شكلا جديدا وهى تسأل متوجسة :-

- كيف ؟

قلت وأنا أعطيها المسجل :- نطبق المساواة على الكلام

ازداد صوتها غلظة وهى تقرب وجهها من وجهي متحفزة :-

- مازلت لا أفهم

قلت بسرعة :- نتكلم بقدر متساو

علت شفتيها نظرة سخرية وهى تنظر إلى من أعلى

- لن تلحقني

قلت :- أنت التي ستتساوين معي

برقت عيناها :- كيف؟

جلست أشرح لها.

 

المصدر: مجلة حواء -محمد عباس
  • Currently 15/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
5 تصويتات / 724 مشاهدة
نشرت فى 24 سبتمبر 2011 بواسطة hawaamagazine

ساحة النقاش

hawaamagazine
مجلة حواء أعرق مجلة للمرأة والأسرة المصرية والعربية أسسها إيميل وشكرى زيدان عام 1955، وترأست تحريرها الكاتبة أمينة السعيد، ومن يوم تأسيسها تواكب المجلة قضايا وهموم المرأة والأسرة المصرية والعربية. »

ابحث

تسجيل الدخول

عدد زيارات الموقع

19,460,447

رئيس مجلس الإدارة:

أحمد عمر


رئيسة التحرير:

سمر الدسوقي



الإشراف على الموقع : نهى عبدالعزيز