ثمـــن العطـــاء
كتبت :مروة لطفي
أكتب لك بعد أن بلغت الخامسة والستون من العمر، وأنهك المرض جسدى النحيل حيث، أصيب بقائمة طويلة من الأمراض الناجمة عن القهر والحزن بدءاً من القولون والضغط وانتهاء بالبول السكرى..فإذا كنت تتحدثين عن الحب فكيف ترين امرأة أفنت عمرها فى حب أبنائها فطعنوها بخنجر الإهمال والجحود؟!.. فقد بدأت حكايتى منذ 45 عاماً حين تزوجت من ابن عمى، وأنجبت منه ثلاثة أبناء وشاء القدر أن يرحل زوجى إثر حادث سيارة بعد 6سنوات من زواجنا لأتحمل وحدى مسئوليتهم من تربية وتنشئة باعتبارى أقوم بدور الأم والأب معاً.. لذا قررت رفض الزواج حتى لا آت لهم برجل غريب قد يسئ معاملتهم.. ولايمكن لأحدكم تخيل كم المعاناة النفسية والمادية التى تتحملها أرملة فى عز شبابها من أجل مستقبل أبنائها خاصة أن زوجى لم يترك لنا سوى قطعة أرض صغيرة نعيش من ريع إيجارها فضلاً عن أن معاشى ضئيل لايكفى طعامنا مما اضطرنى لاستغلال موهبتى فى الأعمال اليدوية لأصنع المفارش الكروشيه والمطرزة وأبيعها لأحد المحال التجارية كى أساهم فى توفير دخل مادى أفضل..ورغم كل هذه المصاعب إلا أننى لم أشعر أحد أبنائى يوماً بما أقدمه من تضحيات لأجلهم..هكذا..مضت بى الأيام حتى تخرج ابنى الأكبر من كلية التجارة وعين بأحد البنوك الكبرى ثم تزوج إحدى زميلاته..بعدها تخرجت ابنتى الوسطى من كلية الآداب وسافرت إلى الخليج مع زوجها بينما أنهت ابنتى الصغرى كلية الهندسة وتزوجت من رجل أعمال..لتبدأ معاناتى مع الوحدة والجحود حيث انشغل كل منهم بحياته مكتفين بالاتصال الهاتفى الأسبوعى..فإذا ذهبت لزيارة أحدهم يفاجئنى بعدم الترحيب معللاً رد فعله بالانشغال بحياته الخاصة..وأخيراً..كانت الطامة التى أصابتنى بالأمراض حيث اجتمعوا الثلاثة على بيع شقتى التى ورثوها من أبيهم طمعاً فى المبلغ الكبير الذى تساويه حالياً وعرضوا على الإقامة وحدى بشقة صغيرة فى مدينة أكتوبر..وطبعاً رفضت لصعوبة تنقلى بمفردى هناك فضلاً عن الذكريات التى تحملها جدران شقتى والتى تعيننى على الحياة وحدى..وهنا قرروا مقاطعتى مع العلم أنهم ليسوا بحاجة مادية ملحة..فهل أخطأت فى حقهم أم فى حق نفسى حين أضعت عمرى هباء فى عطاء لم يقدروه ؟!
أ-ع- الدقى
يعتبر حب الأم لأبنائها غريزة طبيعية فى كيان المرأة لذا تعبر عنه بفيض من مشاعر العطاء المتدفقة وهو ماحرصت على تقديمه لأبنائك على مدار سنوات عمرك دون أن تدركى ضرورة أن يكون العطاء متبادلاً كى يجنى ثماره.. فهناك قواعد وأصول لعلاقة الحب بين الأمهات والأبناء..أولها إشعارهم بقيمة ماتبذله من تضحيات لأجل إسعادهم وآخرها تعلم رد الجميل وتقدير من منحتهم سنوات عمرها وهو الخطأ الذى وقعت فيه دون قصد..فقد قدمت الغالى قبل الرخيص فى سلسلة متتالية من التضحيات كما أوردت فى رسالتك دون إشعارهم بقيمة ما تقدميه أو قدرما تتحملينه من أجلهم..الأمر الذى حول عطاؤك إلى شيك على بياض يسحبون منه كيفما يشاءون دون حد أدنى من الامتنان وحين نفد رصيدك برفضك لبيع شقة والدهم قرروا مقاطعتك باعتبار ما تقدمينه حق مكتسب لايمكنهم التنازل عنه أو قبول سواه لذا عليك بالتمسك بأدنى حقوقك فى الاحتفاظ بالجدران التى تحمل ذكرياتك مع مصارحتهم بكل ما تحملت من أجلهم علهم يفيقوا لأنفسهم..وتذكيرهم بأن عجلة الزمن تدور وكما يتعاملون معك سوف يأتى يوم يتذوقون فيه مرارة معاناتك مع أبنائهم..ولتكن حكايتك درساً تستفيد منه كل أم تعطى دون أن تعلم أبنائها مقابل العطاء وننتظر تعليقاتكم على تلك المشكلة من خلال بريد المجلة الإلكترونى:
ومضـــــــــــة
حـــــــــــــــــــــــب
ألبوم صور
المكان..ساحة فارغة من الأنفاس والأحاسيس الزمان..مجرد أرقام حزينة محفورة على ملامح الوجه الذى أنهكه جفاف الأيام..
ووسطهما.. ألبوم صور يكسر لحظات الصمت الطويلة التى أعيتها منذ رحيل الزوج وانشغال قرة عينى بعالمه الخاص الملئ بطلبات لانهائية من الزوجة والأبناء متناسياً بإرادته أو رغماً عنه أول من علمته الحروف الأبجدية ولغة الكلام..أهكذا تكون الحياة؟!.. نحب..فنعطى..فنربى..ولايبى سوى لقب الأم ليتم استخدامه فى الدعاء لفلان ابن فلانه؟!..وهل أسير ضد تيار إذا طمعت فى ساعة أسبوعية أنعم فيها بلمسات ابنى الحانية حين يربت على كتفى معبراً عن امتنانه لمن عاشت حياتها لإسعاده؟!..ساعة واحدة يخصمها من حسابات انشغالاته لتشرق الشمس فى ليل وحدتى الطويل ويدق الفرح على أبواب عمرى قبل انتهائه ولأن المشاعر لاتطلب أو تشترى..فلا يتبقى لى سوى ألبوم ذكريات أخبئه تحت وسادتى عله يساعدنى على تحمل مرارة الأيام المتبقية..
ساحة النقاش