الدين لايقيد السياسة .. ولكن

كتبت :أمل مبروك

تحتاج السياسة إلى أن تتحرك في فضاء واسع للنظر في المصالح والمفاسد والموازنة بينهما إذا تعارضتا. وكثيرا ما تحتاج إلى الكر والفر، وإلى نوع من الدهاء والمكر. وقد لا يبيح الدِّين لأصحابه كل هذا القدر من التوسع والمرونة . إلا إذا اتخذوا طريقا آخر في فَهم الدِّين، وهو النظر إلى المقاصد الكلية للدين، لا إلى النصوص الجزئية له ، وبدون هذا يظل الدِّين - في إطاره القديم وفَهمه التقليدي- عقبة أو حجر عثرة في طريق السياسة، أو طريق الدولة الحديثة، في عالمنا المتشابك. وهذا الكلام فيه خلط ولبس كثير، إن أحسنا الأخذ به فى موضعه الصحيح ، وفيه تلبيس شديد إن أسأنا استخدامه >>

أليس الدِّين التزاما بالنصوص الجزئية والتفصيلية من الكتاب والسنة الصحيحة ؟ وإذا كان الأمر كذلك فهل ارتباط الدين بالسياسة يعوقها ويقيدها ، وبالتالى يصبح لاداعى لكل هذه الفتاوى التى نسمعها هذه الأيام فيما يتعلق بالظروف السياسية التى نمر بها حاليا .. أم أن الأمر غير ذلك ؟

إيناس عبد الرحمن

- موظفة

- يرى فضيلة د. عبد الله النجار - عضو مجمع البخوث الإسلامية - أن الدِّين منارة تهدي، وليس قيدا يعوق. لأنه عدل ورحمة ومصالح ومنافع ، فكل مسألة خرجت عن العدل إلى الظلم ، وعن الرحمة إلى ضدها، وعن المصلحة إلى المفسدة، وعن الحكمة إلى العبث، فليست من الشريعة، وإن أدخلت فيها بالتأويل!

ومن ثَمَّ تكون الآفة في أفهام المسلمين للإسلام وشريعته، وليست في الإسلام نفسه. ولهذا كان من الواجب الدعوة إلى حسن فَهم الإسلام وأحكامه، لا إلى تنحيته من الطريق، لتمضي السياسة حرة، لا تتقيد إلا بالمصلحة، كما يراها البعض .

إن بعض الناس ينظر إلى الإسلام نظرة مثالية لا تمت إلى الحقيقة بصلة، فهو يتخيل إسلاما يحلق بأصحابه في أجواء مجنحة، ولا ينزل إلى أرض الواقع. . وهذا غير صحيح، فالإسلام - مع مثاليته الرفيعة - يعالج الواقع كما هو، بخيره وشره، وحلوه ومره، ويجيز استعمال المكر والدهاء مع أهل المكر والدهاء، ويقول: " الحرب خدعة"، ويرى أن الضرورات تبيح المحظورات، وأنه يجوز في وقت الضيق والاضطرار، ما لا يجوز في وقت السَّعَة والاختيار، وأن الحاجة قد تنزّل منزلة الضرورة، وأن المشقة تجلب التيسير، وأنه لا ضرر ولا ضرار، ولا عسر في الشرع، ولا حرج في الدين. ومن قواعده: اختيار أخف الضررين، وأهون الشرين، واحتمال الضرر الخاص لدفع الضرر العام، وقبول الضرر الأدنى لدفع الضرر الأعلى، وتفويت أدنى المصلحتين لتحصيل أعلاهما. وكلها من النظرة الواقعية التي هي من خصائص الإسلام وشريعته.

ولكن الذي نحذر منه هو : أن تتخذ تلك النظرة ذريعة لتعطيل النصوص من الكتاب والسنة، وخصوصا إذا كانت النصوص مُحكمة قاطعة؛ فهذه لا يملك المسلم أمامها إلا أن يقول: سمعنا وأطعنا . والقرآن صريح كل الصراحة في ذلك، وأن هذا الإذعان هو مقتضى الإيمان، كما قال تعالى فى سورة الأحزاب : " وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلا مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمْراً أَنْ يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ "، وفى سورة النور : " إِنَّمَا كَانَ قَوْلَ الْمُؤْمِنِينَ إِذَا دُعُوا إِلَى اللَّهِ وَرَسُولِهِ لِيَحْكُمَ بَيْنَهُمْ أَنْ يَقُولُوا سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ"

تجارة زوجتى

- زوجتي تستثمر أموالها في التجارة.. وأنا وكيلها أدير لها تجارتها.. وأحيانا ترغب هي في الدخول في مشاريع استثمارية لا تروق لي ولا تتماشى مع رأيي.. فهل يحق لي أن أمانع، أم أنفذ رأيها بلا مناقشة، باعتبار أن للمرأة في الإسلام استقلالها المالي، أو بعبارة أشمل ما حدود الاستقلالية المالية للمرأة عن الرجل في الإسلام؟

محمود سليم

رجل أعمال

- تشير د. عبلة الكحلاوى - أستاذة الفلسفة الإسلامية بجامعة الأزهر الشريف - إلى أن السائل إما أن يكون موظفاً عند زوجته فيدير لها تجارتها حسب ما تراه وتكلفه به من أعمال، فهنا يجب التزام أمرها وعدم مخالفته، لأن الوكيل يتصرف في حدود وكالته شرطاً وعرفاً...

وإما أن يكون مضارباً في مالها بمعنى أن زوجته دفعت إليه رأس المال ليضارب به، فهنا ينظر إلى نوع المضاربة فإن كانت قد أعطته المال ليستثمره دون أن تعين له نوع العمل أو مكانه أو زمانه أو الأشخاص الذين يتعامل معهم، فله أن يتصرف بأنواع التصرفات المشروعة والمعروفة في التجارة والاستثمار.. وليس لها أن تتدخل في شأنه لأنها فوضت إليه الأمر سابقاً، ومن شرط المضاربة أن يسلم صاحب رأس المال: المال إلى العامل ويخلي بينه وبين التصرف فيه بموجب عقد المضاربة.

وإن كانت مضاربة مقيدة بحيث تحدد له فيها قيداً معيناً ليلتزم به عند تنفيذه فيجب التزام هذا القيد ويضمن عند المخالفة، لأن القيد شرط ،والأصل في الشروط وضعها فى الاعتبار قدر الإمكان .

وبالنسبة لموضوع استقلال المرأة مالياً عن زوجها فنقول إن المرأة البالغة الراشدة مستقلة مالياً بمعنى أن لها حق التصرف في مالها وليس لزوجها منعها أو الحجر عليها في أي من التصرفات المشروعة في مالها وهذا شيء منفصل عن موضوع المضاربة أو الوكالة فلكل أحكام وشروط

 

المصدر: مجلة حواء -امل مبروك
  • Currently 0/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
0 تصويتات / 499 مشاهدة
نشرت فى 23 فبراير 2012 بواسطة hawaamagazine

ساحة النقاش

hawaamagazine
مجلة حواء أعرق مجلة للمرأة والأسرة المصرية والعربية أسسها إيميل وشكرى زيدان عام 1955، وترأست تحريرها الكاتبة أمينة السعيد، ومن يوم تأسيسها تواكب المجلة قضايا وهموم المرأة والأسرة المصرية والعربية. »

ابحث

تسجيل الدخول

عدد زيارات الموقع

19,849,541

رئيس مجلس الإدارة:

عمر أحمد سامى 


رئيسة التحرير:

سمر الدسوقي



الإشراف على الموقع : نهى عبدالعزيز