كتبت : هدى الكاشف
عندما يتدبر المرء ما جاء به التشريع الإسلامى من نصيب وفير فى أحكام وأخلاق وآداب ، تضع الدواء لكل داء يصيب المرأة أو يصيب أسرتها ، بعيداً عن كل الموروثات الظالمة ، فى استباق حقيقى وواقعى لما جاءت به العولمة من حقوق ومواثيق دولية ، محققة لها كل إنصاف ، فلا تُحرم النضج النفسى والاجتماعى كافلة لها كافة الحريات ، والتي منها حرية التملك والبيع والشراء والزواج والمشاركة المجتمعية والسياسية التى تنكرها اليوم بعض الدساتير الوضعية المتعصبة ضد المرأة l
فلا يعطى لها حق المشاركة السياسية فى اتخاذ القرار ولا يراعى كافة حقوقها المجتمعية أو الأسرية مكتفياً بأنها تابعة للرجل وذلك مخالفاً لما جاء فى محكم التنزيل حينما قال تعالى ( ولهن مثل الذى عليهن بالمعروف ) أى أن حقوق المرأة مقدمة على واجباتها، كما أن السيرة النبوية والتاريخ الإسلامى يثبت ذلك، فوجدنا ما حدث أثناء " بيعة العقبه الثانية " حينما جاء من يثرب ما يقرب من ثلاثة وسبعين رجلاً وامرأتين بينهما أم عمارة ـ نسيبة بنت كعب ـ لمبايعة المصطفى ـ صلى الله عليه وسلم ـ قبل الهجرة النبوية، ودور أم عمارة أيضاً أثناء غزوة أحد حينما دافعت عن المصطفى هى وزوجها وولديها حتى نالها أكثر من ثلاث عشرة طعنة حتى قال لها المصطفى ( من يطيق ما تطيقين يا أم عمارة ) ودعا لها ولأهل بيتها مرافقته في الجنة، وكذلك عندما جاءت النساء لتبايع المصطفى ـ صلى الله عليه وسلم ـ بيعة النساء ـ بعد فتح مكة مثلهن مثل الرجال، وتحاورت أثناء تلك البيعة ـ هند بنت عتبة ـ زوجة أبا سفيان، فيما يتعلق بحقوق المرأة وواجباتها بمطلق الحرية فى تعبير الرأى، وصبر المصطفى عليها وعلى آرائها التى كان فيها بعض الشدة أحياناً، وكذلك ما حدث من لجوء سياسى من قبل أحد المشركين الذي كان قريباً لزوج ـ أم هانئ ـ بنت أبى طالب وأخت على ـ رضى الله عنهما ـ فاستجار بها هذا المشرك يوم فتح مكة فأجارته، رغم رغبة علي بن أبي طالب أخيها لقتله، فسألت المصطفى ـ صلى الله عليه وسلم ـ أن يجيز جوارها لقريب زوجها هذا، فوافق النبي وقال ( قد أجرنا من أجرت يا أم هانئ )، وكذلك موقف من مواقف العز للنساء مع أم المؤمنين ـ أم سلمة ـ زوجة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أثناء صلح الحديبية، حينما أشارت على المصطفى بالخروج والحلق والذبح حينما تباطأ بعض المسلمين عن الحلق والذبح عند توجيه المصطفى لهم الأمر بهذا، فلما فعل ما أشارت به ـ أم سلمة ـ رضى الله عنها ـ استجاب المسلمون ففعلوا مثل ما فعله المصطفى فكان فى رأيها الرشد الذى أنقذ الموقف برمته، وهذه ـ خوله بنت ثعلبة ـ التى جادلت المصطفى فى أمر زوجها الذى ظاهرها فحرمت عليه، فشكت للمصطفى حالها وحال أولادها الذين إذا تركتهم لزوجها ضاعوا وإذا أخذتهم جاعوا لو تحقق هذا الظهار، وذلك كان بسبب قول زوجها لها أنت على كظهر أمى، وهذا كان فى الجاهلية أشد من حكم الطلاق، فنزل لشكوتها حكم شرعي من قبل المولى عز وجل ليدرأ عنها هذا الظهار فلا تفارق زوجها استجابة لشكواها، وكذلك ما حدث عندما جاءت امرأة ـ ثابت بن قيس ـ إلى المصطفى ـ صلى الله عليه وسلم ـ فقالت :" لا أنقم على ثابت فى دين ولا خلق إلا أننى أخاف الكفر " أى كفر العشرة فقال لها المصطفى " فتردين عليه حديقته ؟ " فقالت نعم، فردت عليه حديقته، فأمر زوجها ففارقها، وكذلك الحكم الشرعى برد زواج من تزوجت بدون رضاها، كما حدث مع ـ خنساء بنت خذام الأنصارى ـ حينما زوجها أبوها وهى ثيب ـ أى سبق زواجها ـ فكرهت ذلك الزواج، فشكت للمصطفى ـ صلى الله عليه وسلم ـ فرد زواجها، ومن هذا كله فلا يتغافل أحد عن حقوق المرأة بما يتلاءم مع شريعتنا القويمة السمحة .
ساحة النقاش