هل تحققالضرائب

العدالة الاجتماعية؟

 

كتبت :إيمان عبدالرحمن

  كانت المعادلة في السابق هي ارتفاع الأسعار مع دخول قليلة يساوى إحساسا بالظلم، فماذا سيحدث لو تطورت المعادلة إلي ارتفاع الأسعار ودخول ثابتة لا تكفي بالإضافة إلي استقطاع ضريبة للدخل منها؟؟ ما هو موقع العدالة الاجتماعية من كل هذا ؟؟هذه هي الصورة في الشارع ،وما بين طبقة متوسطة غاضبة من شريحة ضريبة الدخل ،وحكومة ترغب في زيادة مواردها ،وما بين خبراء يتحدثون بالأرقام والدراسات ولكن لا مجيب ..نناقش هذه القضية في السطور المقبلة

سعاد محمود موظفة بشركة الكهرباء تقول غاضبة :" ما يحدث حرام ,ولا يرضي أحدا ،هو المرتب فيه كام ولا بيقضي إيه علشان يحصلوا ضريبة دخل ؟؟

وتشاركها في الغضب زميلتها ليلي عبد العال قائلة :"هم سايبين إللي سرقوا البلد وجايين ياخدوا من الغلابة ؟؟هنلاحق علي إيه ولا إيه

سؤال للحكومة

محمد سمير مدرس أول رياضيات بإحدى المدارس الخاصة يقول :" أنا معلم أول لمادتي ودخلي السنوي حوالي 11 ألف جنيه يعني أننى سأدخل في شريحة دفع الضرائب، وما سيتبقي لن يكفي متطلبات الحياة العادية ولن أقول الكريمة لأن عندي ثلاثة أبناء في مراحل التعليم المختلفة ،وسؤالي للحكومة ,"عملتي إيه في الأسعار النار علشان تحصلي ضريبة دخل ؟اتقوا الله في الناس الغلابة .

وتضيف جيهان علي مدرسة لغة عربية قائلة لم يتم تحديد حد أدني وحد أقصي للأجور ..فعلي أي أساس حددوا هذه الشريحة ؟ المفروض يتم تحديد الأجور أولا ويتم التحصيل من أعلي الأجور وليس من الأدني،من المفروض أن يتم إعفاء أصحاب الحد الأدني للأجور من الضريبة ,أين العدل؟

البعد الاجتماعي

و يشير الدكتور عبد المنعم السيد.. فى دراسته لمركز القاهرة للدراسات الاقتصادية حول وضع حلول اقتصادية جديدة لإنقاذ الوضع الاقتصادى الحالى، قائلا:"إن كانت هذه التعديلات محاولة لسد عجز الموازنة العامة للدولة إلا أنها لا تراعى البعد الاجتماعى وتحقيق العدالة الاجتماعية المنشودة .. فكيف يمكن إخضاع استغلال المحاجر لرسوم قدرها 1000 جنيه سنوياً فقط فى حين إخضاع زيت الطعام غير المدعوم والسمن النباتى لضريبة مبيعات قدرها 5%.

هذا على سبيل المثال، وهناك الكثير من الملاحظات التى يجب مراجعتها فى التعديلات المقترحة لقوانين الضرائب قبل إقرارها خصوصا وأن المواطن المصرى غير قادر على سداد فاتورة عجز الموازنة.

وعن الحلول اقترحت الدراسة أنه "يجب أن تكون السياسات الضريبية التى تتبناها أية دولة تراعى تحقيق العدالة الاجتماعية من خلال عدم زيادة الأعباء على كاهل المواطن البسيط وأن تكون زيادة الأعباء الضريبية يتحملها الأغنياء قدر المستطاع وذلك من خلال عدم السماح بزيادة ضريبة المبيعات لأن أعباءها تقع على المستهلك مباشرة والاتجاه نحو زيادة الشرائح الضريبية على الدخل لأنها تقع على عاتق الأغنياء ويتم استقطاعها من صافى الأرباح التى حققها رجل الأعمال وأيضا يجب فى التعديلات الضريبية أن تراعى جذب الاستثمار وأن تعطى السياسات الضريبية للسوق المصرى ميزة تنافسية بالمقارنة بالأسواق الأخرى.

العدالة الاجتماعية

أما عن الكيفية التي يمكن من خلالها تحقيق العدالة الاجتماعية عن طريق الضرائب فيشرح د.مصطفي النشرتي الخبير الاقتصادي قائلا :" يجب أن نفرق بين ضريبة المبيعات التي يدفعها الفقير والغني علي السلع التي يشتريها وتضاف علي ثمنها ،والقانون لا يفرق بين غني وفقير في هذه الضريبة ،فتضاف ضريبة المبيعات، علي سلع السوبر ماركت والكهرباء وكروت شحن الموبايل ،وأري أن هذه الضريبة لا تحقق العدالة الاجتماعية بين فئات المجتمع، وحصيلة ضرائب المبيعات تمثل أكثر من 50 % من حصيلة الضرائب في مصر .

والمطلوب إلغاء هذه الضريبة وتحويلها إلي ضريبة القيمة المضافة التي تدفعها الشركة حتي لا يتحملها المستهلك ،أو تكون ضريبة علي الأرباح الناتجة للشركة من حساب ناتج الفرق بين الخامات التي دخلتها والمنتج ،وبذلك لا تتحمل علي سعر السلعة ولا يتحمل ثمنها الجمهور

"ضريبة الأرباح" وتدفعها الشركات بنسبة 20% علي صافي الربح بصرف النظر عن كونها أنتجت سلعة أو منشأة تجارية تستورد وتبيع ،والمشكلة هنا أنه لا يمكن استيراد سلع صينية جودتها أقل من السلع المصرية وبسعر أقل منها فلا تباع السلع الوطنية .

لذا يجب زيادة الضرائب التجارية أكثر من الضرائب علي الصناعة المحلية لأن ذلك يضر بالصناعة المحلية ،فالمستثمر ينشئ مصنعا ويكلفه لينتج بالإضافة إلى مصاريف العمالة وفي النهاية يدفع ضريبة أكبر من المستورد وهذا غير عادل بالمرة .

تصاعدية

ضريبة دخل الفرد هي علي كل ما يدخل للفرد من إيراد دخل، مرتبات أو ريع أو إيجار،والمشكلة أنها ليست تصاعدية، فلابد أن تكون كذلك بمعني أن تكون 10 % علي داخل المرتب ،و 15% علي المهن الحرة ،و20% علي الناتج عن أشياء وموارد أخري ،فتكون عبارة عن شرائح كلما زاد الدخل زادت الضريبة ،فمثلا إذا كان الدخل يتمثل فى المرتب فقط تكون هناك نسبة تحصل منه ،ومن كان دخله مرتب ومعه دخل آخر تزداد النسبة و من يزاول مهنة حرة بجانب المرتب بجانب إيرادات عقارية تزداد النسبة لأن كل ذلك يدخل تحت بند الدخل .. و ذلك حتي نحقق العدالة الاجتماعية .

أما بالنسبة للشركات فيجب التعامل معهم معاملة واحدة ولكن تختلف حسب نشاطها ويضرب د.مصطفي مثلا عن الضرائب في الغرب قائلا تطبق الضرائب بنظام الشرائح حسب الدخل ولكننا لازلنا - ومن بعد الثورة- لم نطبق الحد الأدني والحد الأقصي للأجور .

فمن المفروض أن نحدد أولا الحد الأدني والحد الأقصي للأجور ثم تكون ضريبة الدخل بنسبة علي الشرائح منه ،وتتزايد كلما زادت قيمة الشريحة وهذه هي العدالة .

الضريبة العقارية

ويضيف أنه توجد طرق أخري للحصول علي دخل للدولة ودون إرهاق الطبقة الكادحة ويتساءل د.النشرتي لماذا تم تأجيل تحصيل الضريبة العقارية ،ويمكن من خلالها الحصول علي إيرادات لخزينة الدولة ،وأن يتم التحصيل من أصحاب الفيلات والقصور من الفئة الأكثر غني من الطبقة المتوسطة ويتم إعفاء الضريبة علي السكن الخاص ؟ ولكن تدفع الضريبة علي السكن الإضافي مثل الشاليهات والفيلات لكبار رجال الأعمال والطبقة الأعلي .أري أن هذه هي العدالة .

عشوائية الاقتصاد

وفي دراسة حديثة عن السوق الموازي وتأثيره السلبي علي الاقتصاد لاتحاد الصناعات المصرية، أوجدت الدراسة أن حجم رأس المال المتداول في الاقتصاد غير الرسمي في مصر، يقدر بحوالي تريليون جنيه وأن حجم الضرائب المستحقة على الاقتصاد غير الرسمي سواء كانت ضرائب مبيعات أو عامة ،يقدر بنحو 150 مليار جنيه لا يتم تحصيلها طبقا لنسب التحصيل الحالية للضرائب.

وأوضحت الدراسة أن عدد مصانع ''بير السلم'' والتي تعتبر أحد المكونات الأساسية للقطاع تقدر بنحو 40 ألف مصنع غير شرعي،وتسهم بحوالي 60% من إجمالي نشاط السوق سواء علي المستوى المحلي أو المستورد ..و أن بعض أصحاب المصانع غير الشرعية يلجأون إلي الحصول علي تراخيص شكلية لممارسة أنشطتهم، ومع ذلك يستمرون في التهرب من خلال إصدار فواتير محدودة لمبيعات جزء من منتجاتها، حيث تحرص علي أن يكون إجمالي قيمتها أقل من حد التسجيل مجمل لضرائب المبيعات والمقدرة بنحو 54 ألف جنيه سنوياً فقط بالنسبة للمصانع و150 ألف جنيه بالنسبة للتاجر.

الحلول

كذلك طالبت الدراسة بتخفيض قيمة ضريبة المبيعات، حيث يصل حدها الأقصى نحو 10% للسلع العامة باستثناء السلع ذات الطبيعة الخاصة، كبعض منتجات الأغذية والأدوية.

كما طالب الاتحاد بفرض ضريبة بشريحة واحدة بقيمة 5% على جميع الخدمات، حيث ساعد على تشجيع المتعاملين في السوق الموازية على الالتزام بسداد ضرائب المبيعات.

 

 

المصدر: مجلة حواء -إيمان عبدالرحمن

ساحة النقاش

hawaamagazine
مجلة حواء أعرق مجلة للمرأة والأسرة المصرية والعربية أسسها إيميل وشكرى زيدان عام 1955، وترأست تحريرها الكاتبة أمينة السعيد، ومن يوم تأسيسها تواكب المجلة قضايا وهموم المرأة والأسرة المصرية والعربية. »

ابحث

تسجيل الدخول

عدد زيارات الموقع

19,687,919

رئيس مجلس الإدارة:

عمر أحمد سامى 


رئيسة التحرير:

سمر الدسوقي



الإشراف على الموقع : نهى عبدالعزيز