يابنت بلدى حكيت لك الأسبوع الماضى طرف من حكاية قارئتى مرفت 36 سنة، قالت إنها ليست جميلة بل مقبولة الشكل، وإنها لم تتزوج حتى الآن ولا تزعل من كلمة عانس، فهى مهندسة كبيرة فى شركة أجنبية تتقاضى راتبا بالدولار ولا تهمها مسألة الزواج فى شىء لأنها أصيبت بعقدة واعرة من حياة أختها الصغرى التى تزوجت قبلها من أحد الأثرياء، وكانت معاناة شديدة من إهماله لها حتى بعد أن أنجبت له ولدين، وأنها كانت تبكى بصفة دائمة لأنه كان أنانيا لا يهمه شيئا سوى نفسه، وكان ينام طول النهار ويصحو بالليل ولا يعير زوجته وأولاده أى اهتمام حتى أصيبت الأخت المسكينة بالاكتئاب، أصبحت لا تقبل على الطعام، وعندما أصر والدها على أن يصطحبها إلى الطبيب لإجراء كافة التحاليل كانت المفاجأة الأليمة!

***

واستطردت مرفت.. كانت كارثة بالنسبة لنا، فقد دلت التحاليل على إصابتها بسرطان الدم فى حالة متأخرة جدا، وبكت أمى وبكى أبى وتعرضت شقيقتى لعلاج مكثف، وكل هذا وزوجها لا يبالى بصحتها إذ كان يعتبر أنه يقدم بواجبه إذا أعطاها المال الكافى للعلاج! وقال الأطباء فى مصر أن حالتها متأخرة وسافرت إلى فرنسا، وقال الأطباء هناك نفس الكلام، وظلت تتعذب وتتلقى مختلف أنواع العلاج الكيماوى وخلافه حتى ماتت وهى فى ريعان الشباب!

ولما كانت أختى المسكينة تكتم أى أخبار عن حياتها ولا تدلى بها إلا لى أنا وحدى فقد أحسست بحقد وغل شديد من زوجها اللامبالى الذى أسقط فى يده بعد وفاتها واستأجر عدة دادات مصريات وأجنبيات لكن حالة ولدي أختى الصغيرين كانت تتدهور دائما، ثم هيأ له ذهنه النائم اللا مبالى أن يشترى زوجة يهمها أمر الأطفال ألا وهى العانس ذات الست وثلاثين عاما التى لم تتزوج والتى تزوجت أختها الصغيرة قبلها، وطبعا لا يوجد من يهمه أمر الطفلين أكثر منى بصرف النظر عن أى شيء سوى راحته هو واطمئنانه على البيت وعلى الأولاد، ولا يهم إذا كانت الزوجة المشتراه تقبله أو لا تقبله!

قالت أمى: ومن يرفض زوجا ثريا وشابا لا يكبرك إلا بعام واحد ومن أكبر أسرة وأغنى أسرة فى مدينتنا إنه حظك الحسن؟ وقال والدى: لقد عوض الله صبرك خيرا وها هو العريس الذى لا يمكن أن يرفض وهذه هى الفرصة لرعاية طفلي أختك المسكينة التى راحت فى عز الشباب، وقالت ابنة خالتى: البيت جاهز من كله والفلوس موجودة والراجل شاريكى من أجل أولاده وكان فى إمكانه أن يتزوج فتاة صغيرة بكرا وجميلة لكنه فضلك أنت من أجل بيته وأولاده أما أنا فقد قلت:

- لن أقبله ولن أتزوجه حتى ولو شنقونى شنقا!

*** 

واستطردت مرفت.. وانقلبت الدنيا.. إيه؟ فى حد تانى؟ قلت طبعا لا وإلا كنت تزوجته! وحكيت لهم كيف تسببت تعاسة أختى الصغيرة وبكاؤها واكتئابها ومرضها فى رفضى لفكرة الزواج من أساسها، والحمد لله أنا أشطر مهندسة فى شركتى وأقبض راتبى بالدولار ولا أحتاج لأحد إلا إذا صادفنى من أحبه ويحبنى ويكون لى نصيب فيه؟ هل أنا غلطانة يا سيدتى، علما بأننى سألت أحد الأطباء فقال لى: إن مرض السرطان يمكن أن يحل بالإنسان من كثرة الهم والنكد، لذا فأنا أحمل زوجها مسئولية موت شقيقتى، فكيف إذا أتزوجه وأعاشره، أنا مستعدة يا سيدتى أن أربى أولاد أختى وأنا فى بيت أبى ولكنى لن أتزوج ذلك الرجل!

***

أنا معك يا مرفت ولا تستمعى لكلام أحد حول ثرائه وحول اختياره لك وتركه للصغيرات البكر الجميلات! لا تتزوجيه لأنه مدلل كما قلت وقد عذب أختك بإهماله لها وهى الجميلة الصغيرة الطيبة، وانتظرى نصيبك بإذن الله فكل شيء بأوان، ولا تستمعى لمن يقول لك إنها آخر فرصة فلا زواج لإنسان تكرهينه وتحملينه مسئولية وفاة أختك.

المصدر: بقلم : سكينة السادات
  • Currently 0/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
0 تصويتات / 405 مشاهدة
نشرت فى 9 أغسطس 2018 بواسطة hawaamagazine

ساحة النقاش

hawaamagazine
مجلة حواء أعرق مجلة للمرأة والأسرة المصرية والعربية أسسها إيميل وشكرى زيدان عام 1955، وترأست تحريرها الكاتبة أمينة السعيد، ومن يوم تأسيسها تواكب المجلة قضايا وهموم المرأة والأسرة المصرية والعربية. »

ابحث

تسجيل الدخول

عدد زيارات الموقع

22,830,446

رئيس مجلس الإدارة:

عمر أحمد سامى 


رئيسة التحرير:

سمر الدسوقي



الإشراف على الموقع : نهى عبدالعزيز