حوار: إيمان الدربي
كثيرون من يعشقون تراب الوطن ويقدمون كل الجهد لخدمته ورفعة شأنه، من بينهم د. سعد الزنط، مدير مركز الدراسات السياسية الاستراتيجية وأخلاقيات الاتصال، والخبير الاستراتيجى.
حواء حاورت د. سعد حول ما قطعناه من خطوات ملموسة لتمكين المرأة على مختلف الأصعدة السياسية والاقتصادية والاجتماعية، وما يمكن أن تحققه النساء خلال الفترة المقبلة..
فى البداية ما تقييمك للفترة الماضية وما حققته المرأة خلالها من مكتسبات؟
لا شك أن هذه الفترة شهدت التمكين الحقيقي للمرأة المصرية، فهناك مكتسبات ما كانت تتحقق إلا بوجود قيادة سياسية لديها قناعة عميقة بحيوية الدور الذي تؤديه المرأة لمجتمعها، والملاحظ أن هذا التمكين قد اتسعت له كل المجالات التي كانت غير المسموح للمرأة بالولوج فيها إلا اللمم.
هل تقصد مجالات القضاء والشرطة والمجالس المحلية؟
القضاء والشرطة والقوات المسلحة والبرلمان وغيرها قد أصبح تواجد المرأة فيها بنسبة جيدة، ولاشك أن الإطار الدستوري والقانوني مثل قاعدة متينة وسياج مطلوب لضمان هذا التمكين واستمرارية تنفيذه.
تبنت الدولة قوانين لمواجهة العنف ضد المرأة، كيف ترى ذلك وهل هي كافية لتوفير بيئة آمنة لها؟
في الحقيقة تبنت الدولة المصرية مواجهة العنف بكل صوره المادية والأدبية والمعنوية في البيت أو مكان العمل أو الشارع بقوانين استهدفت صيانة الحقوق الشرعية لها وضمان عدم الاعتداء عليها وتحقيق الكفاية والمساواة وعدم الانتقاص من قدرها لمجرد كونها امرأة، وأعتقد أن هذه القوانين قد وفرت بيئة آمنة لها، ولكن مع الوقت والتجربة هناك أمل في صياغة تشريعات جديدة وإخضاع القديم منها للتقييم والتحديث.
تم تغليظ العقوبات لكل من اقترف جرم لانتهاك ستر المرأة مثل التحرش أو ممارسة الختان للفتيات، هل تراها كافية أم أننا نحتاج إلى مزيد من القوانين الرادعة؟
تشديد العقوبات فى قضايا العنف أمر ضرورى لكنني أتطلع إلى التركيز على تغيير الثقافة الذكورية للمجتمع، فما تعانيه المرأة ما هو إلا عرض لمرض خطير أصاب المجتمع المصري خاصة في العقود الأخيرة وهو الانهيار في منظومة القيم الأخلاقية وسمات الشخصية المصرية، لذا يجب معالجة ذلك بمحورين مهمين الأول تبني مشروع قومي لرفع مستوى منظومة القيم الأخلاقية بالمجتمع والثاني مراجعة كافة القوانين ذات الصلة.
سنوات كثيرة ومشاريع عديدة وتجارب لمحو أمية النساء والفتيات، ولكن حتى الآن لم نشعر بثمار هذا، فما السبب وراء ذلك؟
الحقيقة التي يجب أن نواجه بها أنفسنا هي أن أمية المرأة أمست مركبة والسبب في ذلك أننا قد تأخرنا في معالجة أمية القراءة والكتابة وتراكمت عليها أميات أخرى متعددة منها التعامل مع تكنولوجيا العصر ولاسيما الحاسب الآلي وعدم القدرة الكافية في التعامل مع التحول الرقمي، من هنا على الدولة أن تهتم بهذا الدور ويعاد النظر بشكل جدي في الخطط ذات الصلة بمحو أميات النساء حتى نتمكن من مسايرة ركب العصر.
ازدادت مؤخرا فرص التعليم للفتيات وأصبحت النظم التعليمية لدينا تساندهن، فماذا ينقصنا لاقتناص هذه الفرص؟
تكفل نظم التعليم المساواة بين الولد والبنت وتمنح الفرصة الكاملة لكل من يريد ويسعى للتعليم والذى يحتاج إلى تغيير وليس مجرد تطوير، وقد أصدرت كتابا عنوانه "التعليم الأساسي بداية طريق التغيير في مصر" قناعة مني بأن الدولة التي تعاني أزمة في التعليم مهددة بالخطر.
هناك مساندة اقتصادية للمرأة المصرية على كل المستويات سواء بالمشاريع الصغيرة أو القروض والتسهيلات التي تعطي لهن فما تأثير ذلك على وضعها الاقتصادى؟
دعينا نتفق أنه بدون مصدر دخل يضمن عيشة كريمة للأسرة فلن يكون للمرأة قدرة على مواجهة حياة غاية في التعقيد، وأعتقد أن صناديق دعم الشباب والمرأة العاملة بقروض متنوعة الحجم والهدف خطوة صحيحة في هذا الاتجاه.
أعطى الدستور المصري الأخير للمرأة المصرية العديد من المكاسب منها نسبة تواجدها بالبرلمان، كيف ترى ذلك؟
لم يكن أحد يتخيل أن المرأة ستتمكن يوما من التواجد بمثل هذه النسبة فى الحياة النيابية، لكن دعينا نؤكد أن هذه النسبة دليل جذرى على التغيير الذى شهدته مصر وصدق نية القيادة السياسية فى تمكين المرأة وتغيير واقعها.
وعلى الصعيد الصحى كيف تقرأ الاهتمام الرئاسى بصحة المرأة؟
أطلقت الدولة الكثير من المبادرات التي تتعامل مع صحة المرأة وآخرها حملة فحص السيدات لاكتشاف بعض الأمراض الخطيرة مثل سرطان الثدي وكذلك برامج الصحة الإنجابية، ولاشك أن مثل هذه المبادرات تعد خطوة إيجابية لتحسين صحة المرأة وعلاج الأمراض السارية لكننى أتطلع إلى وصولها إلى حدود المدن والقرى والنجوع في دلتا وصعيد مصر.
إذا رصدنا وضع المرأة من قبل ووضعها الآن ودعم القيادة السياسية لها، فماذا تقول؟
الرئيس داعم قوي وأساسي للمرأة ولا أدل على ذلك من المكتسبات التى حققتها المرأة على مختلف الأصعدة الاجتماعية والاقتصادية والسياسية وأبرزها نسبة وجودها بمجلسى الشيوخ والنواب، كما أن التجربة السياسية لها منذ 2013 وللآن بكل قسوتها تعد شاهدا على مدى إدراك القيادة السياسية لأهمية دور المرأة.
كيف تقيم دور المرأة المصرية في مجتمعنا وتأثير ذلك لترقي المناصب القيادية؟
للمرأة مكانتها الخاصة والتي يسودها الاحترام سواء كان ذلك في الحاضر أو حتى في الماضي، ومما لاشك فيه أن هناك تبدلا وليس تغييرا في الظروف والبيئة العامة التي تحيط بالمرأة ما ساعد في إعادة تشكيل سلوكها وقدراتها مما أفسح لها المجال لتحتل كل الأمكنة المرموقة في الدولة من مناصب مهمة، فهي وزيرة وسفيرة ونائبة وأستاذة جامعة وقاضية وضابط كبير وغيرها، الأمر الذي يبرهن على أن المرأة تعيش اليوم في عصرها الذهبي.
أخيرا ما تطلعاتك للمرأة المصرية في ظل مناخ وعادات وتقاليد مجتمعية نعايشها؟
المرأة المصرية أكثر قدرة على الإسهام بفعالية في إعادة ضبط منظومات القيم الثلاثة "الأخلاقية والمهنية والوطنية" خاصة في التوقيت الأهم في حياة الوطن، فمصر تنتقل الآن نقلة حضارية لم تشهدها منذ الخديوي إسماعيل وتحتاج لإمكانات النصف الأقوى تأثيرا لكي تتمكن من العبور الثاني والكبير، ولدي يقين بأنها سوف تحقق ذلك، وإن اكتمل تمكين المرأة سياسيا واقتصاديا واجتماعيا في مصر وهو هدف لو تعلمون عظيم ومكلف لكنه الاستثمار الصحيح، فانتظروا وبيقين خير هذه الأمة فهن أوتاد الوطن.
ساحة النقاش