كتبت : إيمان عبدالرحمن
"أحبته وبدأت حياتها معه وتحملت ظروفه المادية، كان مستواه أقل من أسرتها لكنها حاربت الجميع، أسست أسرة صغيرة سعيدة، وبعد سنوات تحسنت حالته المادية لتفاجأ بزواجه من أخرى، وبين مطرقة كرامتها كأنثى وسندان مستقبل أبنائها تعاني".. قصة تتكرر كثيرا خاصة مع الدعوات التي تظهر كل فترة لتعدد الزوجات وأنه حل للعنوسة، فهل التعددية حل أم خراب بيوت وظلم للمرأة؟ تفاصيل كثيرة نعرفها في هذا التحقيق..
البداية من الرأى الذى يؤكد عليه الدين الإسلامى فى هذا الشأن حيث يشير رجال الدين إلى أن مسألة تعدد الزوجات في الدين الإسلامي تحمل ظلما للمرأة وللأبناء في كثير من الأحيان، وتعد من الأمور التي شهدت تشويها للفهم الصحيح للقرآن الكريم والسنة النبوية، فمن يتزوج بأخرى قاصدا قهر زوجته الأولى عذابه عند الله شديد، وهناك ضوابط وضعها الدين الإسلامى لتعدد الزوجات، تقوم على أن العدل بين الزوجات يجب أن يكون في كل شيء حتى بشاشة الوجه، بجانب كافة الأمور الأخرى كالإنفاق والمعاشرة وتربية الأبناء، فهذا العدل ضروري للنجاة من عذاب الله يوم القيامة، أما التعدد فهو جائز في بعض الحالات مثل عدم إنجاب الزوجة الأولى، وهنا يمكن للزوج الزواج مرة أخرى إذا رغب في إنجاب ذرية بشرط العدل أيضا، وألا يظلم زوجته الأولى.
وعن الحملات التى تظهر من وقت لآخر للدعوة لتعدد الزوجات كحل لمشكلة العنوسة تقول فادية عبدالرشيد، مدرسة: للأسف الشديد بعض الرجال لا يعلمون من الشريعة سوى قول الله تعالى "فانكحوا ما طاب لكم من النساء مثني وثلاث ورباع"، ليتخذوا من هذه القاعدة ذريعة لتهديد الزوجة بالزواج عليها.
ويقول مصطفى عبدالله، محامٍ: أنا ضد الحملات التي تخرج علينا كل فترة بتعدد الزوجات فالشريعة واضحة وكل شخص أعلم بظروفه، فإذا كانت الحياة مستحيلة فليسرح زوجته بإحسان ويتزوج بأخرى لكن الجمع بين أكثر من زوجة ظلم له ولهما في ظل الظروف الاقتصادية التي نعيشها.
وترى أسماء صفوت، كيميائية.. أن من يدفع ثمن تعدد الزوجات الأبناء والزوجة الأولى والتي في أحيان كثيرة تكون تحملت أوضاع زوجها وظروفه في أول حياتهما ثم يفكر بالزواج من أخرى بعد تحسن حالته المادية.
حق المرأة
تعلق د. هالة منصور، أستاذ علم الاجتماع بكلية الآداب بجامعة بنها على دعوات تعدد الزوجات قائلة: الأصل هو أحقية الزوجة بمعرفة زواج زوجها بأخرى، وعلى المأذون أن يخطر الزوجة بذلك وبعيدا عن إشكاليات التعدد التي لها حالات وشروط معروفة فإن الزوجة الأولى لها كل الحق في الاختيار بين الانفصال من عدمه ولها حق التطليق للضرر.
ويقول د. مصطفى محمود، استشاري علاقات أسرية: على الزوج أن يفكر مائة مرة قبل الإقدام على الزواج الثاني خاصة إذا كانت حياته الأسرية مستقرة، ويضع مستقبل أسرته وأولاده نصب عينيه، وعلى الزوجة أن تهتم بأسرتها وزوجها، وزواج الزوج بأخرى يؤثر بالسلب على الزوجة الأولى والأبناء ليس فقط من الناحية النفسية التي تتمثل في اضطرابات نفسية وإحباط وانطواء وبعض حالات الخوف والانعزالية والذي ينعكس على الأبناء، فعلى الصعيد الاجتماعي قد تجد المرأة نفسها مسئولة عن الأسرة لعدم تواجد الزوج بعد زواجه من أخرى، ومن الناحية المادية قد تتأثر الحياة بسبب وجود بيت آخر ومتطلبات أخرى والتي في أحيان كثيرة تؤدي إلى طلاق الزوجة الأولى، أما عن الأبناء فالتأثير يكون سلبيا لقلة متابعة الأب من الناحية التعليمية وأيضا الحالة النفسية لهم وحدوث فجوة بينهم والأب.
خراب البيوت
ترى د. نادية جمال الدين، الاستشاري الأسري وخبير التنمية الذاتية.. أن الدعوات المتكررة لتعدد الزوجات ما هي إلا دعوات لخراب البيوت وارتفاع نسب الطلاق، وخاصة لو أقدم الزوج على الزواج بدون أسباب حقيقية، وكثيرا ما نجد مثل هذه الحالات المنتشرة التي يكون المانع الوحيد للزوج هو الحالة المادية والتي بمجرد أن تتحسن ينسى تضحيات الزوجة الأولى معه وتحملها لظروفه في بداية سنوات الزواج، وتفاجأ بزواجه من أخرى بحجة أن الشرع حلل له ذلك، ويقع في معضلة التوفيق بين بيتين فيؤثر بالسلب من الناحية الاقتصادية والنفسية أيضا، بجانب أن المرأة بطبيعتها غيورة فإحساسها أن الزوج فضل عليها أخرى وستشاركها أخرى حياته قد يدفعها لطلب الطلاق وتدمير الأسرة، وإن وافقت الأولى على استمرارية الزواج يكون بسبب الحفاظ على المستوى المادي ومستقبل الأولاد لكن في كثير من الأحيان تكون مدمرة نفسيا لكن تتظاهر بالقوة.
تقول د. ريهام عبدالرحمن، استشاري نفسي وخبير العلاقات الأسرية والتنمية الذاتية: أحيانا توجد أسباب للتعددية مثل مرض الزوجة وعدم قدرتها على رعاية شئون بيتها وزوجها، وعدم الإنجاب خاصة بعد مرور سنوات طويلة، وأكثر سبب عدم اهتمام الزوجة بالزوج ووضعه في آخر اهتماماتها، ورغم وجود مثل هذه الأسباب إلا أن التعدد ظلم للمرأة، كما أن الأصل ليس التعدد فالشريعة الإسلامية والقرآن دستور لنا في كل مكان وزمان أتى ليضع حدودا للعلاقة الزوجية حيث قال تعالى "فإن خفتم ألا تعدلوا فواحدة" لكن للأسف يتخذ بعض الأزواج الزواج الثاني ذريعة لتهديد الزوجة فيكون سيفا مسلط على رقبة الزوجة لإذلالها وابتزازها أحيانا، بينما يرى آخرون أنه حق للرجال.
وتختم د. ريهام حديثها ناصحة الأزواج قائلة: على الزوج تغليب مصلحة أولاده وأسرته في المقام الأول، وعلى الزوجة أن تولى زوجها اهتماما وأن تضعه في المرتبة الأولى من أولوياتها، والاستماع له والاهتمام بمشاكله، وأن تتخير الأوقات المناسبة للحوار حتى يشعر وكأنها والدته التي تنتظره وتحتويه وتقدره
ساحة النقاش