بقلم :سكينةالسادات
من الأقوال العربية المأثورة أن من سلك سلكااتهم "بضم التاء" ولا عذر له.. بمعنى أن من لا يراعي حسن التصرف وحسن الأقوال أو ويرتاد أماكن مشبوهة حتى ولو كان بريئًا أو يصادق المنحرفين والأشرار حتى ولو لم يكن شريرًا أو منحرفًا مثلهم فعليه أن يتحمل شكوك وظنون الناس فيه، وليس من حقه أن يغضب أو يدافع عن نفسه لأنه هو الذي وضع نفسه في ذلك الوضع المشين!
والسؤال الذي تطرحه حكاية الأنسة بسمة (30 سنة) حول ما هى حدود الحرية الشخصية؟ ومن الذي يحكم على السلوك العام لأي إنسان؟وهل يندرج تحت بند الحرية الشخصية أن لكل إنسان رؤية خاصة في مدى حريته الشخصية؟
وهل حقًا أن الإنسانحر ما لم يضر؟ وقد يكون الضرر نسبيا فهناك من يرى ارتداء بعض الفتيات لملابس مكشوفة أو ضيقة أو غريبة أو لافتة للأنظار يرى في ذلك إثارة وفتنة وضرر بالغ والبعض الآخر يرى أنه حر فيما يرتدي أو فيما يضحك بنفسه ما دام لم يحرض أحداً على ما كانه؟ ونأتي لسؤال هذه الحكاية.. هل الحرية الشخصية لها حدود أم أنها حسب رؤية كل إنسان؟
**************
قالت لي الآنسة بسمة (30 سنة) نشأت في أسرة ميسورة بل إن البعض يضعون أسرتي في خانة الأثرياء! والدي رجل أعمال معروف يمتلك عدة شركات كبيرة في مختلف المجالات، ووالدتي سيدة مجتمع لها اسم لامع في مختلف الجمعيات الخيرية، وهي أول من يتبرع في مختلف المناسبات، ولنا أملاك كثيرة وأرض زراعية وعقارات وخلافه.. الخلاصة أنني نشأت وكما يقولون وفي فمي ملعقة من الذهب ولم يرزق والدي بذرية سواي أنا الابنة الكبيرة وأخت تصغرني بخمسة أعوام، وحاولت أمي أن تأتي لأبي بالولد الذي يساعده في أعماله ويدير معه شركاته لكنها لم تفلح وأقلعت عن المحاولات، وحمدت الله سبحانه وتعالى علي أنا وأختي واستسلم أبي للأمر الواقع وركزا جهدهما واهتمامهما بي أنا وأختي!
تعلمت في المدارس الأجنبية الدولية وتخرجت في الجامعة الأمريكية بتفوق، وفورا استلمت العمل في إحدي شركات أبي في قسم المبيعات الخارجية والتسويق الدولي، ومنذ أن تخرجت في سن العشرين وأنا أسافر بمفردي إلى الخارج للتسويق وإبرام التعاقدات والعقود، وكان كل الخبراء الذين يستعين بهم أبي في عمله يمتدحون عمل وإنجازاتي ويقولون لوالدي قولا واحداعن عملي وجهدي (بنت بعشر رجالة) ربنا يباركلك فيها، ولا أنكر عليك يا سيدتي أنني امتلأت بالثقة في نفسي إلى درجة ظنها البعض أنها غرور لا سيما وأنني كنت لا أتعامل مع الزملاء والزميلات في العمل بكوني ابنة صاحب الشركة، بل كنت أحافظ على المواعيد واقتدي باللوائح والإجازاتوأتقاضى أجري الرسمي في حدود المخصص لوظيفتي في اللوائح!
*************
واستطردت الابنة بسمة.. ونأتي إلى حياتي الشخصية التي كانت "بالضبط كده" بين السفر إلى الخارج أو الداخل حسب الشغل، وبين النادي القريب من بيتنا وبين أصدقائى وصديقاتي الذين واللاتي كانوا معي في الجامعة الأمريكية وظلوا علي صداقة معي بعد التخرج، لم يكن لدي وقت فراغ بعد الذهاب للكوافير والجيم والنادي ولقاء أصدقائي وصديقاتي، وطبعًا كانت لدي سيارتي الخاصة وجناحي الخاص في الفيلا التي نعيش فيها في السادس من أكتوبر، نسيت أن أقول لك إنني "طلعت شبه أبي" وأبي من أصل صعيدي أسمر وشعره أسود مجعد وخشن وملامحه مصرية اعتبرها أنا جميلة، يعني كلي أصف لك نفسي أنا سمراء متوسطة الطول مقبولة الشكل والقوام وأعتبر متوسطة الجمال وشعري أسود خشن، ولكن لم يعد هناك شعر خشن وشعر ناعم لأن المواد الكيماوية الحديثة أصبحت تجعل الشعر المجعد ناعمًا مثل الحرير!
والعجيب ياسيدتي أنني في الجامعة وبعدها لم أشعر بالحب أو الانجذاب نحو أي شاب معين، بل الكل كانوا أصدقائىوزملائى بلا تمييز حتي قال أبي منذ ثلاثة سنوات عندما بلغت سن السابعة والعشرين معقول يا بسمة مش عاجبك أي عريس من العرسان الذين تقدموا لخطبتك؟ قلت له.. يابابا اختار أنت اللي يعجبك، وفعلا اختار أبي مهندسا شابا من أسرة ثرية وكانت فترة خطبة قصيرة هكذا أراد العريس وأهله، وفي شقه اشتراها والدي وأثثها من الأبرة إلي الصاروخ كما يقولون تزوجنا، وكانت أسوأ فترة مرت في حياتي كلها رغم أنه لم تظهر عليه أية أعراض لما اكتشفته عبر الزواج، فقد صبرت على مرضه النفسي وإصراره على إهانتي وتحقيري والتقليل من شأني بسبب وبغير سبب، فضلا عن أنه لم يقترب مني جسدياً إلا في القليل النادرولم يكن هناك أي توافق في هذه الناحية، وكما قلت صبرت كثيراً وقلت ربما يشفى من علته ويصبح رجلاعاديًا مثل كل الأزواج، لكن هيهات،وفؤجئت به يشكو مني ويرغب هو في تطليقي متعللا بأسباب وهمية، وطبعًا وجدتها فرصة لكي أتخلص من العذاب الذي عانيته معه وتم طلاقنا بهدوء وبدون أية مشاكل واعتبرتها فترة سوداء من حياتي انتهت، ثم كانت المفاجئات بعد الطلاق.. الأسبوع القادم أكمل لك الحكاية.
ساحة النقاش