كتبت: د عبير بشر

هى أول سيدة تتولى رئاسة البرازيل، خلفا للرئيس لولا دا سيلفا، أكثر رؤساء البرازيل شعبية، بعد أن فازت فى انتخابات عام 2010 بنسبة 58% من إجمالى الأصوات عن حزب العمال، تسلمت المنصب رسميا أول يناير 2011، لتقود واحدة من أسرع الاقتصادات الصاعدة نموا فى العالم. شكلت حكومة من 37 وزيرا فى ديسمبر 2010، تمثل المرأة 24% منها، بواقع 9 وزيرات 

ويقوم د. محمد مرسى حاليا بأول زيارة رسمية لرئيس مصرى للبرازيل ولدولة فى أمريكا اللاتينية على رأس وفد كبير يجرى خلالها مباحثات سبل تعزيز التعاون الاقتصادى والتجارى والقضايا الاقليمية والدولية فى العالم العربى وأمريكا اللاتينية. وافتتح منتدى الأعمال فى عاصمة المال "سان بولو" لبحث سبل دعم الاستثمارات والأعمال بين البلدين.

تقاسم الخبرات

كان الرئيس مرسى قد إلتقى رئيسة البرازيل أثناء مشاركتهما فى اجتماعات الدورة 67 للجمعية العامة للأمم المتحدة عام 2012، وذلك بمقر إقامته فى نيويورك، وتناولا عملية الانتقال الديمقراطى الجارية فى مصر، وتجربة البرازيل فى النمو الاقتصادى، وسبل دعم التعاون ونقل الخبرات بين البلدين.

أكدت ديلما خلال زيارتها لروسيا أن بلادها تدعم موقف روسيا من الأزمة السورية وترحب بجهودها الرامية إلى حل النزاع. كما تبنت قضية فلسطين ومنحها صفة مراقب فى الأمم المتحدة، وتؤيد سعيها للحصول على العضوية الدائمة فى مجلس الأمن.

تبنت روسيف خلال السنوات العشر الأخيرة سياسات أكثر عملية وتصالحا مع الاستثمار لتميز بلدها فى عين المجتمع الدولى وقادة الأعمال، وعملت على تعزيز صورتها باعتبارها زعيمة حكومات أمريكا اللاتينية سعيا لحصول البرازيل على نفوذ أكبر فى العالم، إذا نالت مقعدا دائما فى مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة.

ورغم أن الاقتصاد البرازيلى يشهد نموا قويا إلا أنه يعانى من تفاوت طبقي، لذلك أطلقت الحكومة البرازيلية خطة للقضاء على الفقر المدقع الذى يعانيه ما يقرب من 16 مليون برازيلى بحلول عام 2014، وذلك فى إطار سعى إدارة ديلما لتكرار نجاح سلفها فى خفض معدلات الفقر، وتؤمن بأن الفقراء لا يجب أن يسعون إلى الدولة كى تساعدهم، وإنما على الدولة أن تبحث عنهم وتساعدهم. وهى التجربة التى تحظى باهتمام الجانب المصرى بشكل خاص.

توريث الفقر

وقد حققت البرازيل معجزة حقيقية خلال العقد الماضى بفضل الديمقراطية والسياسات التى انتهجها الرئيس لولا فى الموازنة بين البرامج الإجتماعية للأسر الفقيرة وتشجيع الشركات الكبرى على الاستثمار والتصنيع من أجل التصدير، وهو ما دفع البرازيل لتحتل المرتبة العاشرة كأكبر إقتصاد نامى فى العالم، ومكنها من قيادة أمريكا اللاتينية سياسيا وعسكريا. ونجح دا سيلفا فى توفير 60 مليار دولار من خلال الضرائب التصاعدية ووجهها للقضاء على ظاهرة توريث الفقر.

ونجحت تجربة بناء الديمقراطية وزيادة فاعلية التمثيل السياسى فى صهر شعب متعدد الأصول ما بين الأسبانية والبرتغالية والهندية والأفريقية والإيطالية والألمانية، ومنحه إمكانية التعايش السلمى. وأصبحت السلطة مراقبة من الناس طوال الوقت من خلال دعم آليات تمثيلهم وتقوية الأحزاب السياسية مما قضى على أى فرصة للاستبداد وتعطيل القانون.

تنتمى ديلما ابنة المهاجر البلغارى لأقصى اليسار، أمضت فى السجن ثلاث سنوات فى آوائل السبعينات أثناء نضالها ضد سياسة القمع التى مارسها الحكم الاستبدادى لجنرالات الفساد. تنتمى للشريحة العليا من الطبقة المتوسطة، ولدت لأب محامى وأم مدرسة، تلقت تعليمها الأولى بالفرنسية فى مدرسة راهبات، ثم درست الاقتصاد، وعينت وزيرة للطاقة فى عهد دا سيلفا الذى سرعان ما كلفها بتشكيل الحكومة عام 2005.

تزوجت مرتين، الأولى سنة 1968 من صحفى قدمها لحركة المقاومة ضد الديكتاتورية العسكرية، وانفصلت عنه فى اوائل السبعينات وبدأت علاقة جديدة مع كارلوس فرانكلين ثانى أزواجها والذى انجبت منه ابنتها الوحيدة بولا. وانفصل الزوجان عام 1994 عندما اكتشفت روسيف أنه على علاقة بإمرأة أخرى تحمل ابنه، ووقع الطلاق النهائى بينهما عام 2000.

تحب ديلما القراءة والتاريخ وفن الأوبرا، كما درست المسرح اليونانى. أعلنت فى مؤتمر صحفى عام 2009 عن إصابتها بسرطان الغدد الليمفاوية، والذى اكتشفته فى مرحلة مبكرة أثناء مسح روتينى بالماموجرام، وخضعت لعلاج كيماوى استمر لأربعة أشهر ولم تخجل بعدها من ارتداء شعرا مستعارا حتى استعادت شعرها مجددا، ونجحت فى التغلب على المرض.

تقود بنفسها استعداد البرازيل لاستضافة كأسى القارات والعالم فى كرة القدم خلال عامى 2013 و2014، كما ستستضيف فعاليات دورة الألعاب الأوليمبية " ريو دى جانيرو 2016" لتؤكد للعالم أن بلدها متفوقة داخل الملعب وخارجه.

وفى إطار محاربة الفقر، تلقت ديلما هدية من المغنية شاكيرا عبارة عن جيتار موقع منها خلال اجتماعهما لبدء مشروع لمساعدة الأطفال بين عمر يوم وستة أعوام والذين يعيشون تحت خط الفقر، وذلك بالتعاون مع منظمة "ALAS"، وهى منظمة لا تهدف للربح أنشأها الفنانان البارزان فى أمريكا اللاتينية مع مجموعة من رجال الأعمال لتنمية الطفولة.

طبقا لتصنيف مجلة فوربس، احتلت ديلما المركز ال16 عام 2010 ضمن الشخصيات الأقوى على مستوى العالم، وأتت كثالث إمرأة فى القائمة بعد أنجيلا ميركل وسونيا غاندى. وفى أغسطس عام 2011 احتلت المركز الثالث طبقا لتصنيف المجلة نفسها ضمن النساء الأقوى فى العالم، لا يسبقها سوى أنجيلا ميركل وهيلارى كلينتون. وفى العام نفسه حصلت على جائزة وودرو ويلسون للخدمة العامة وتم تكريمها فى نيويورك