بين الإنكار والإيمان

تحويل القبلة وحديث السفهاء

كتب : محمد الشريف

ألا إن فى آيام دهركم لنفحات ألا فتعرضوا لها» بهذا الحديث حث النبى «صلى الله عليه وسلم» المسلمين على التماس الأيام المباركة التى اختصها المولى جل شأنه بالخير والمنة، ومن هذه الأيام تلك الليلة التى استجاب فيها المولى تبارك وتعالى لنبيه محمد دعائه وجعل قبلته المسجد الحرام بدلاً من الأقصى، فكيف كان وقع هذا الحادث على المعاصرين لرسول الله من مسلمين ومشركين، وبماذا يتفضل الله على عبادة فى هذه الليلة؟ سؤال طرحته قارئة «حواء» سمر سعيد 

ـ وحول هذا الحدث كان اللقاء مع أ.د. محمد وهدان، الأستاذ بجامعة الأزهر يقول: لقد اختص الله ليلة النصف من شعبان بكثير من الخيرات والرحمات. فقد أقر الله عين نبيه محمد «صلى الله عليه وسلم» وحقق رغبته التى تضرع وابتهل بشأنها لله سبحانه، وكان «صلى الله عليه وسلم» كثيراً ما يقلب بصره إلى السماء داعيا ربه حتى استجاب دعوته فقال «قد نرى تقلب وجهك فى السماء فلنوليّنك قبلة ترضاها..» البقرة:144، وذلك بعد أن مكث هو وأصحابه به يتوجهون شطر المسجد الأقصى زهاء 16 شهراً، وكان تحويل القبلة امتحان وابتلاء للمسلمين والمشركين واليهود والمنافقين حيث قابله المسلمون بالسمع والطاعة فقالوا: "سمعنا وأطعنا آمنا به كل من عند ربنا"، وقال المشركون:"كما رجع إلى قبلتنا يوشك أن يعود إلى ديننا..، وقابل اليهود الحدث بإنكار النبوة قائلين «خالف قبلة الأنبياء ولو كان نبياً لاستمر فى صلاته إلى قبلتهم.. واستهزأ المنافقون بقولهم «ما يدرى محمد أين يتوجه إن كانت الأولى على حق فقد تركها، وإن كانت الثانية فقد كان على باطل" فرد الله عليهم بتسفيههم قائلاً: «سيقول السفهاء من الناس ما ولاهم عن قبلتهم التى كانوا عليها قل لله المشرق والمغرب يهدى من يشاء إلى صراط مستقيم...» البقرة - 142».

الرؤية

أولى الإسلام عناية بالغة لتلك العلاقة التى تجمع بين الرجل والمرأة تحت مظلة شرعية، ووضع القواعد والأسس التى تضمن لها الدوام والاستمرار، إلا أنه قد تنشأ بعض الخلافات التى تؤدى إلى إفساد ذلك الرابط بين الزوجين ليقع نتاج تلك العلاقة «الأولاد» ضحية لتلك المشكلات ليبتعدوا عن آبيهم حتى سن 15 «مدة سن الحضانة والتى تكون عادة للأم» والتى قد تمنع الزوج من رؤية أبنائه، فكيف عالج الإسلام تلك المشكلة؟.

«حواء» سألت أ.د. لطفى عفيفى عبد ربه -أستاذ الفقه المقارن بجامعة الأزهر-: بحثا عن حل لمشكلة قارئها حسن محمد الذى تمتنع مطلقته من السماح له برؤية أولاده فى الساعات المحددة أسبوعياً وتختلف الحجج والأسباب.

يقول د. عفيفى: الحضانة هى الضم إلى الجنب، وحضانة الأم لولدها ضمها له والاعتناء به والقيام على شئونه وتربيته وتقديم الخدمات التى لايستطيع تقديمها لنفسه، والأصل فيها أن تكون للنساء لأنهن أرفق وأهدى لتربية الصغار، ثم تنصرف إلى الرجال بعد سن السابعة للأولاد، والفتاة إذا بلغت المحيض لأنها فى هذا الوقت تكون فى أمس الحاجة إلى والدتها لاستشارتها والاستعانة بها إذا جاءتها الأمور الخاصة بالنساء، وتكون الحضانة لذوى الأرحام من النساء فتكون للأقرب فالأقرب، فأحق النساء من ذوات الأرحام المحرم بالحضانة هى الأم، ثم أم الأم، ثم أم الأب.

ويضيف: د. عبدربه: نظم الإسلام تلك العلاقة وكفل للأب رؤية أبنائه والاعتناء بهم والمساهمة فى تنشئتهم وتعليمهم، فجعل له الحق فى أن يتعهد ولده والوقوف على حاله، وعلى الحاضن «الأم» إذا مرض الطرف غير الحاضن «الأب»، ألا تمنع الأبناء من عيادته، وإذا مرض المحضون «الطفل» فالأم أولى بتمريضه سواء كان ذكراً أو أنثى لأنها أهدى لذلك.

ويؤكد أستاذ الفقه المقارن وجوب امتثال الطرفين لأوامر الشريعة فى ذلك الأمر، وإذا ما حدث خلاف على ذلك فعلى القاضى تحديد ميعاد الرؤية، وإذا امتنع الطرف الحاضن عن إحضار المحضون، جبره فى إحضاره وأنذره القاضي، فإن تكرر منه ذلك جاز للقاضى الحكم بنقل الحضانة مؤقتاً إلى من يليه من أصحاب الحق فيها لمدة يقدرها القاضل